Tuesday 5 July 2011

الدوغماتية و الرأي الحر - حرّر عقلك


الدوغماتية (أو العقائدية) هي التعصب لفكرة معينة من قبل مجموعة دون قبول النقاش فيها أو الإتيان بأي دليل ينقضها لمناقشته أو كما هي لدى الإغريق "الجمود الفكري". وهي التشدد في الاعتقاد الديني أو المبدأ الأيديولوجي، أو موضوع غير مفتوح للنقاش أو للشك.
في زمن الحرية و ثورات ربيع العرب أصبح من غير المقبول أن تصبح هنالك فكرة أو اعتقاد غير قابل للنقاش و البحث و النقض فهذه الحرية التي انتظرناها مئات السنين و ليس 40 سنة فقط. هذه هي حريّة الفكر حيث الأراء تشكًّل على أساس العلم، المنطق والعقل ولاينبغي لها أن تتأثر بسلطة قمعية كما في أنظمتنا الشموليّة التي تفرض علينا أفكارها أو ايمانها. وتطبيق فلسفة الفكر الحر يسمى تفكير حر والممارسين لها يطلق عليهم مفكرون أحرار و هذا صلب ارادتنا و بيت قصيد حركتنا
أدعوكم يا شباب و يا شاباتتنا اليوم للثورة ليس فقط على ساستكم و حكّامكم بل و على العادات و التقاليد و أنظمتنا الاجتماعية. لا تنصتوا لآبائكم أو أهل الأجيال السابقة فنحن الأحرار و هم من صمت كل هذه العقود
نحن مَن حررنا أنفسنا و مَن حررهم و سنحرر اليوم عقولنا و عقولهم و نطلق الفكر الحر و نرفض القوالب الجاهزة فقد ولد معنا عقلنا لنفكر و نرفض و نثور..
بالعقل تتطوّر البشرية و منارتها اليوم عندنا
سنعود يا حضارتنا سنعود يا سورّيتنا يا حاضنة الحضارات منذ الأزل.
اليوم سنحرركي و نحرر عقولنا معكي

Saturday 2 July 2011

منقول - «سوريا جديدة» تماماً خلال 6 أشهر

هذه مقالة أعجبتني منقولة عن صحيفة الأخبار اللبنانية:

الكاتب: إيلي شلهوب

المشهد يزداد سوداوية. هي قناعة البعض من أصدقاء سوريا ممن يواظبون على زيارتها، ولو لم يلتقوا أياً من قادتها. يعربون عن قلق شديد على الأسد وعرينه، الذي اعتادوا أن يجولوا في مدنه وقراه، يسألوا ويستفسروا عما جرى ويجري. لا يخفون تشاؤمهم ولا دهشتهم. يقولون إن الأمر يبدو كأن الرئيس بشار الأسد استفاق ذات يوم، فلم يجد حوله لا حزب بعث ولا أجهزة أمنية ولا طاقم سياسياً دبلوماسياً إعلامياً يمكن الاعتماد عليه. فقط جيش متماسك، ولاؤه مطلق لرئيسه. حتى أكثر هؤلاء الأصدقاء تفاؤلاً يقولون إن المأزق الأساس لنظام الأسد مالي. يوضحون أن «الأسد بحاجة إلى نحو 20 مليار دولار للخروج من هذه المعضلة. من دونها على النظام السلام».
هذا حساب الحقل، كما يظهر. أما حساب البيدر، على ما يفيد تقدير للوضع أبلغ إلى أكثر من عاصمة وجهة نافذة معنية بالملف السوري، فيبدو مختلفاً، وخلاصته أن «الأسد نفذ من هذا المأزق وتجاوز المرحلة التي كان يمكن أن يقع فيها فريسة هذا الهجوم الشرس»، وأن «سوريا لن تعود إلى الوراء. سوريا جديدة بالكامل ستخرج للعالم خلال ثلاثة إلى ستة أشهر، يكون قد جرى في خلالها الانتقال من عهد بشار حافظ الأسد إلى عهد بشار الأسد».
مسؤول رفيع المستوى في عاصمة إقليمية لصيقة بهذا الملف يؤكد أن «سوريا الجديدة ستبقى تحت قيادة بشار الأسد، لكن من دون الطاقم القديم كله، سواء العسكري أو الأمني أو الدبلوماسي أو الإعلامي». يضيف إن «النظام سيكون جمهورياً برلمانياً، متعدد الأحزاب، حيوياً، مختلفاً تماماً عن نظام أبيه، الذي لا يجمعه به سوى الاسم وبعض الإرث الخاص بالمقاومة والدفاع عن المقاومة»، مشيراً إلى أن «حزب البعث سينتهي. سيندثر. الرئيس الأسد سينشئ حزباً خاصاً به، ينسجم مع تطلعاته، ويكون قادراً على جذب الشباب واستيعاب آرائهم وطموحاتهم».
المصدر نفسه ينفي معلومات عن صفقة إقليمية تقايض التمديد للاحتلال الأميركي في العراق ببقاء الأسد على رأس السلطة في سوريا. يقول إن «إيران لم توافق عليها. لا أحد مستعد لأن يعطي هذه الهدية للأميركيين». ويضيف «بل على العكس، مقاتلة الأميركيين في العراق تقوّي نظام الأسد، ولذلك جرى تدعيم جبهة العراق لمصلحة سوريا وربطها بها أكثر فأكثر، على جميع المستويات، السياسية والدبلوماسية والإعلامية. جرى التوافق بين الأطراف السياسية النافذة في بغداد على الحشد من أجل سوريا والرئيس الأسد». ويتابع أن «تركيا ستأتي إلى سوريا من جديد، ومعها بعض أوروبا، تتقدمه فرنسا التي ستنخّ وتعمل على فتح صفحة جديدة مع دمشق». أما بالنسبة إلى التوقيت، فبين ثلاثة وستة أشهر، يؤكد المصدر أن «الجهات الدولية المتورطة، وبعضها يترقب عمليات انتخابية في هذه الفترة، بذلت كل ما عندها وبدأت تنكفئ على نفسها، فيما يكون الأسد قد استكمل الرحلة الداخلية نحو التغيير والاستجابة للمطالب المشروعة للشعب السوري».
مصادر قريبة من أروقة صناعة القرار في طهران تكشف أن «الأتراك يخوضون حواراً جدياً مع الإيرانيين للعودة المتدرجة إلى علاقات طبيعية مع بشار الأسد الجديد». تقول إن «هناك اتفاقاً على خطوات لتطبيع العلاقات. كانوا (الأتراك) يريدون إمرار الانتخابات والضغط الأميركي الإسرائيلي عليهم»، موضحة أن «علاقة تركيا بسوريا مبنية على البراغماتية. بالطريقة البراغماتية نفسها التي ابتعد بها الأتراك عن دمشق، يعودون إليها بعد المواقف التي أبلغتها كل من طهران وبغداد لأنقرة». وتضيف «هناك زيارة قريبة لأحمد داوود أوغلو إلى دمشق. لا يمكنه تحقيق هدف سياسته الخارجية في تصفير المشاكل وفتح معركة مع سوريا والعراق وإيران في الوقت نفسه».

لماذا بشار الأسد؟

هي عملياً عملية قطع مع نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد، بكل إرثه، الإيجابي منه والسلبي. صحيح أن الأسد الابن جاء إلى السلطة ثمرة لهذا الإرث، بمعنى أن مشروعيته الأولى جاءت من هذا الباب، «لكنه بعد أكثر من عقد من الممارسة، خاض في خلالها أكثر من معمودية نار، بدءاً من 11 أيلول وتداعياتها في أفغانستان والعراق، والقرار 1559 واغتيال (الرئيس رفيق) الحريري ومعه الخروج من لبنان، إلى عدوان تموز وحرب غزة ومحاولات زعزعة الاستقرار الداخلي بوسائل عديدة، بنى الأسد مشروعية خاصة به تجعله قادراً عن رفع عبء الماضي كله عن كاهله»، على ما تفيد مصادر عليمة بشؤون سوريا وشجونها.
ليس هذا فقط، بل «لقد بدا واضحا من خلال الممارسة الاختلاف في النهج بين الأسد الأب والأسد الابن». يقول خبيث من محور الممانعة إن أحدهم زار القاهرة ذات يوم وسأل أحد سكانها «كم يساوي مجموع أربعة زائداً ثلاثة؟»، صمت المصري لحظات قبل أن يرد بسؤال «إنت عايزهم كم يا بيه؟». جواب فسره السائل بأنه يعبر عن حنكة المصري وحرصه على إرضاء ضيوفه الأجانب في بلد تعد السياحة فيه أحد أبرز مصادر رزقه. يضيف الخبيث نفسه إنه في اليوم التالي انتقل إلى دمشق وطرح السؤال نفسه على دمشقي التقاه صدفة. صمت الشاب لحظة قبل أن يرد بسؤال «هل تريد أن تشتري أم تريد أن تبيع؟»، في محاولة منه للإشارة إلى العقل التجاري لأهل الشام، الذين يشاركهم فيه أهل حلب، ركنا البلد اللذان يدرك الجميع أن النظام لا يمكن أن يتزعزع طالما أنهما معه.
متبرع معلومات يتدخل ليروي حادثة من تسعينيات القرن الماضي. وقتها، أقام السوريون حفلاً لتوديع سفير لإيران كانت قد انتهت مهمته في سوريا. وفي خلال العشاء، توجّه أحد المسؤولين السوريين إلى السفير بسؤال: «ماذا علق في ذهنك عنّا بعد أربع سنوات من الخدمة الدبلوماسية في دمشق؟»، ابتسم السفير وقال: «خلال هذه الفترة، بعتمونا واشتريتمونا أكثر من مئة مرة، لكنكم للأمانة ولا مرة سلمتم البضاعة»، فاشتعلت الطاولة بالضحك.
المصادر السالفة الذكر ترى في المثلين السابقين «أصدق تعبير عن عهد الأسد الأب، الذي اشتهر بقدرته الخارقة على المناورة والتفاوض لساعات من دون ملل أو كلل أو حتى تعب. لم يترك ورقة أو شيئاً إلا فاوض عليه، بل لم يرفض التفاوض مع أحد. حتى الإسرائيلي، لكنه في النهاية مات ولم يوقّع. مات من دون أن يسلم البضاعة، لأنه ببساطة لم يكن يريد أن يفعل ذلك، على ما أقر كثر ممن شاركوا في المفاوضات أو صنعوها، أميركيين كانوا أو إسرائيليين. مات والتحالف مع إيران في أوجه، والجنوب اللبناني محرّر والمقاومة منتصرة، لكنه في الوقت نفسه لم يقم بشيء إلا قبض ثمنه، بل لم يجد حرجاً في تبديل تحالفاته عندما تحولت عبئاً عليه، هو الذي اشتهر ببراغماتيته اللامتناهية. ولعل آخر صفقاته الكبرى كانت مشاركته الرمزية في عملية إخراج القوات العراقية من الكويت، والثمن الذي قبضه من الكويت وفي لبنان».
تضيف المصادر نفسها «في المقابل، يبدو واضحاً أن الأسد الابن ورث عن أبيه براغماتية الأسلوب، لكنه خطّ لنفسه نهجاً مثالياً. تجلى ذلك في أوضح صوره في الموقف الذي اتخذه من غزو العراق، والذي لا يزال يدفع ثمنه إلى اليوم». أنصار الرئيس الراحل يبررون سلبيات حكمه، القمعي على المستوى الداخلي، بأن سياسته قامت «على البناء في الداخل والمواجهة في الخارج. لا تنسَ أن حافظ الأسد تسلّم بلداً كانت الجملة الشهيرة فيه: تصبحون على انقلاب، في مرحلة من الاضطراب الإقليمي، وفي أعقاب نكسة 1967. الاختبار الأول لحكمه جاء مبكراً، في حرب 1973، التي كرست، مع خروج مصر من المعادلة، مقولة أن لا حرب أخرى مع إسرائيل، وبالتالي أُقفلت جبهة الجولان. وبما أنه لا سلام مع دولة الاحتلال من دون سوريا، أمضى الأسد الأب عهده في جمع أوراق القوة في الخارج وتحصين الوضع في الداخل، بأيّ ثمن كان. بقي لبنان الساحة الوحيدة حيث هناك هامش لحرب بالنيابة. حتى مع انهيار المعسكر السوفياتي وانتشار العسكر الأميركي في الخليج وإطلاق مؤتمر مدريد، صحيح أن المعادلات تغيرت، لكن الثوابت بقيت على حالها، بدليل ما حصل في قمة جنيف».
في المقابل، فإن أنصار الأسد الابن يحاججون بأنه «لا فضل له في الإنجازات التي حققها والده، وفي الوقت نفسه لا يتحمل مسؤولية النظام الذي بناه الأسد الأب، ولا ارتكاباته في الداخل. ربما في البداية كان بحاجة إلى عباءة الوالد لإضفاء مشروعية على رئاسته، لكن النجاحات التي حققها خلال العقد الماضي، والإنجازات التي أعاد من خلالها سوريا رقماً صعباً على الساحة الإقليمية، ويتقدمها دوره المشرف في حربي 2006 و2008، تحرره من إرث بات يثقل كاهله».
مصادر قريبة من أروقة صناعة القرار في طهران تصف الأسد الابن بأنه «سوري أصيل، مثقف، نظيف الكف، مرن في تعاطيه، ثابت في مواقفه، حريص كل الحرص على حقوق بلده ومصالحها، وعلى الحقوق العربية. رؤيته لحال المنطقة والعالم تنطلق من أسس عقائدية، لا سياسية فقط. هو مؤمن بما يقوم به. استحق الموقع الذي هو فيه، بحكمته وحنكته وشجاعته وصلابته. ولعل ذلك ظهر في طريقة مواجهته المؤامرة التي تتعرض لها سوريا حالياً». تقول إن «الخوف من تداعيات نجاح المؤامرة وسقوط الأسد إنما هو على سوريا قبل المقاومة. بات واضحاً، بحسب المعلومات، أن ما كان مخططاً لسوريا إنما يحاكي النموذج الليبي، مع ما يعنيه من حرب أهلية وتقسيم. ولنا ملء الثقة بالشعب السوري وقواه الحية الداعمة للمقاومة في كل الأحوال، على ما عوّدنا تاريخ سوريا الأبية».
مصادر لبنانية رفيعة المستوى لصيقة بالوضع السوري تقول إن «الرئيس الأسد لا تزال أمامه فرصة لاستعادة الاستقرار والانطلاق في مسيرة الإصلاح والتحديث. حتى الآن لا تزال الطبقة الوسطى في حال انسجام مع النظام، الذي لا يزال يحظى بدعم الجيش، خلافاً للوضع في مصر، على سبيل المثال، حيث أدت ثورة الفئة الأولى في ظل حياد الفئة الثانية إلى انهيار سريع للنظام».

Sunday 26 June 2011

العلمانية


تقرير عن العلمانية

Thursday 16 June 2011

اللامركزية و سوريا الحديثة


لقد كانت التجربة الديغولية في فرنسا،  و التي يمكن اعتباها واحدة من أكثر التجارب اليسارية اثارة للاهتمام، واحدة من الحالات القليلة التي دعت الى، و طبقت اللامركزية بشكل حقيقي و بكل الأبعاد الممكنة للمفهوم. 
و هذه اللامركزية التي نتكلم عنها هنا هي لامركزية الحكم، و التي هي اساس النظام الديمقراطي الصحيح الذي يهدف الى الغاء البيروقراطية و تدعيم مراكز اتخاذ القرار المحلية التي هي أكثر قدرة على تقييم و تحليل المعطيات قبل اصدار القرار بحكم استقلاليتها.

ولكن الجانب الآخر لمفهوم اللامركزية، و التي طبقته فرنسا الديغولية بشكل ناجح، هو لامركزية المدن و الثقل التجاري، و هي واحدة من أهم المفاهيم التي يجب أن تأخذ بعين الأعتبار عند دراسة و تحليل الوضع السوري المعاصر.
لقد عملت الحكومة الفرنسية أيام ديغول على دعم المدن الفرنسية بشكل متساوي، و شجعت ظهور جامعات و مراكز تعليمية أكبر و بأهمية تساوي تلك التي في العاصمة باريس . كما عملت  على تشجيع المشاريع البيئية و السكنية و الصناعية في مدن أخرى و قدمت مساعدات مالية و اعفاءات ضريبية لمن يريد بدء مشروع معين في تلك المدن.
هكذا، و ان كانت باريس لا تزال المدينة الرئيسية و مقصد المهاجرون الأول عند القدوم الى فرنسا، و لكنها تبقى اختيارا شخصيا لفرنسي يبحث عن فرص عمل و حياة افضل . فهو عنده الاختيار بين ليون و نانت و تولوز و مارسيليا و بوردو، و كلها توفر فرص عمل جيدة و  مهمة ، و تنافس باريس من حيث نوعية الحياة و رخص المعيشة.

هذا النموذج السياسي و الاجتماعي قد يقدم الكثير من الحلول لمشاكل االدولة السورية المعاصرة و خصوصا لمشاكل الهجرة و السكن و فرص العمل للشباب.

 عبر العقود الخمسة الماضية، تم تهميش و تفقير الكثير من المدن السورية لأسباب سياسية و اجتماعية عديدة، و تم التركيز على جعل دمشق و حلب المركزان الأساسيان للصناعة و التجارة و الأمور الخدمية مما أدى الى ازدياد الهجرة اليهما و استنزاف الطاقات و الكوادر من بقية المدن السورية.

هذه الحالة، و ان كان يمكن تعميمها على عواصم أكثر مدن العالم، كان لها جانب سياسي خفي هدفه احكام السيطرة على الموارد الأقتصادية الأساسية و تملكها بشكل كامل أو جزئي من قبل ازلام النظام، و الحفاظ على رؤوس الأموال الأساسية تحت رقابة لصيقة من قبل الأجهزة الأستخبارية منعا من أي حراك سياسي أو انفصالي ممول من هؤلاء التجار.

هناك جانب آخر ذو ابعاد اجتماعية مدروسة، و هو زيادة الخليط الأجتماعي و العرقي في هذه المدن و دعم ظهور طبقة غنية جديدة و غريبة عن سكان المدينة الأصليون . ان فقدان هذا التجانس الاجتماعي و خلخلة نسيج المدينة بزرع المستفيدون من وجود هذا النظام بين سكان المدينة، أدى - كما لحظنا في هذا الحراك الثوري الحالي - الى صعوبة قيام حراك منظم و مخطط في مدينتي دمشق و حلب كما في بقية المحافظات،  و ارتفاع ملحوظ في نبرة التناحر و اللوم بين أولاد المحافظات المختلفة.

كانت احدى توصيات فريق عمل التخطيط الاقليمي في سوريا، و الذي تم تمويله و دعمه بالخبراء و الباحثون من قبل الأتحاد الأوروبي ، هي نقل العاصمة الادارية الى مدينة حمص و دعم نشوء مناطق صناعية أكبر في حلب .
 هذه الخطوة كانت ستجعل من دمشق العاصمة السياسية و الخدمية ، و من حلب العاصمة الصناعية و التجارية -مما سيفتح فرص عمل اكبر لسكان المنطقة الشرقية، و حمص العاصمة الادارية حيث يتم نقل أغلبية الوزارات و الادارات الى هناك. هذا التقسيم الوظيفي سيؤدي الى توزع مراكز الثقل بشكل ممتد جغرافيا و انتشار التطور الاقتصادي للمدن و الضواحي المحيطة بهذه العواصم الثلاثة.

 هذه الخطوات كان من المممكن ان تنشط قطاع النقل البيئي و النقل التجاري المنظم بين المحافظات بشكل أكبر ، و ان تهيء لنشوء ضواحي سكنية  جديدة و منظمة على أطراف المدن ، و تأمين الآلاف من فرص العمل لبناء بنية تحتية معلوماتية تتيح الوصل الافتراضي بين هذه العواصم.

هذه اللامركزية المدينية ستؤدي أيضا الى تحسين الجامعات و الخدمات التعليمية في بقية المدن عبر اعطاء الأهمية و الدعم للكليات و الاختصاصات الجامعية الأكثر علاقة بالوظائف الحيوية لخصوصية المنطقة المحيطة بها و طبيعة العمل المتوفر هناك . هذا سيساعد  على تخفيف حدة استنزاف العقول و هجرة الكوادر ، و سيشجع الشباب على التنقل أكثر بين المدن السورية و التعرف على واقع معيشي و اجتماعي يتجاوز حدود مدنهم الحالية و الأصلية.

ان غنى سوريا بالموارد الطبيعية و موقعها الجغرافي و حدودها الاستراتيجية ، بالاضافة الى العامل السياحي ، كفيل بتأمين غنى اقتصادي كاف لتحسين معيشة الكثير من السكان بشكل ملحوظ . ان الشرط الأساسي للبدء بهذه الاصلاحات هي الشفافية و الحرية و استقلال القضاء ، ووجود جهاز تخطيطي مستقل يعمل لتحسين المعيشة في البلد و توزيع الخيرات على الجميع و ليس على قلة حاكمة تسعى لتوجيه تطور البلاد لمصلحة بقائها فقط .

Wednesday 15 June 2011

الاشتراكية و اليسار السوري و فنون الدفاع عن الذات


كانت كلمة "شيوعي" من اكثر التسميات التي رافقتني أيام طفولتي كوني كنت طفل ينحدر من عائلة يسارية مثقفة تؤمن بحقوق الشعوب بالتحرر و العدالة الاجتماعية و المساواة. 
كان وعيي المحدود وقتها كافيا لأن ادرك ان هذه التسمية فيها نوع من المذمة و العيب ، و كنت كثيرا ارجع الى البيت باكيا لأسأل أمي ان كنت شيوعيا، لأجد ضمة أم خائفة على ابنها من ضغط الأصحاب و همسة تأكيد أنني - كما أهلي - لست شيوعيا و أن هناك فرق بين الشيوعيون و الذين يؤمنون بالاشتراكية. 

مرت السنين و لا زلت أضطر أن أشرح للبعض أنني لست شيوعيا و لا أؤمن بالشيوعية و لا أراها كنظام سياسي مناسب لأي بلد كان . و كنت بعد الكثير من الشرح و التفصيل أنظر الى عيون وخاطبي لأرى نظرة ضياع في التفاصيل، و كثيرا ما قاطعني البعض ليسأل : يعني من آخرو ، بتآمن بالله وللا لأ ؟

هذا الخلط في المفاهيم اللذي صور كل اليساريين على أنهم لادينيون و ملحدون يأتي نتيجة لأرث سياسي و تاريخي طويل يبدأ بشكل أساسي أيام عبد الناصر - الشيوعي - اللذي سحب الأملاك و الأطيان من أيدي البرجوازية السورية (اللتي كانت و لا تزال متدينة بشكل عام) تحت اسم التأميم. و تم تعميق الكراهية مع وصول حزب البعث (المسمى بالاشتراكي و ان كان شيوعيا أكثر من كونه اشتراكيا) الى السلطة و اكمال عملية انتزاع الأراضي تحت اسم الاصلاح الزراعي . و هكذا أصبح اليساريون أعداء الشعب (اصحاب الأملاك) و أعداء الله..

صحيح ارتباط الشيوعية بالاشتراكية في ناحية معينة كون الشيوعية خلقت لتكون الصيغة التطبيقية لرؤية لينين و تروتسكي الاشتراكية، و كان من أهم أهداف لينين وقتها الغاء سلطة الكنيسة الأورثودوكسية التي استمد القيصر مصداقيته منها. لذلك رفضت الشيوعية أي شكل من أشكال الوجود الديني في الدولة من أجل الحفاظ على الدولة كمصدر وحيد للانتماء.

لا تحاول الاشتراكية عمل أي شيء سوى تقديم الأطار العام لبناء الدولة على أساس المساواة . فهي تؤمن اطارا ديموقراطيا لمشاركة الشعب بالحكم و ببناء مستقبل البلاد اللتي يعيشون فيها عبر تشريع الأحزاب و بناء التمثيل البرلماني للجميع ،  و تجعل الدولة مسؤولة أمام الشعب لتقديم خدمات طبية مجانية مفتوحة أمام الجميع و مقدمة من قبل أطباء يتلقون راتبهم من الدولة و ليس من المريض.
و تجعل الدولة مسؤولة عن تقديم التعليم بشكل مجاني أو شبه مجاني (مع تقديم تسهيلات أو اعفاءات ضريبية في حال الدفع) و تأمين الكادر التعليمي المناسب و المؤهل.
و تؤمن الميكانيكية اللازمة و التشريعات المطلوبة لتشكيل النقابات و اتحادات العمال من أجل حماية حقوق العمال من أرباب العمل ، و تعطي هذه الهيآت القوة و الصلاحيات اللازمة لتقوم بعملها على أتم وجه .

هذا النظام الاجتماعي الذي له أبعاد أكبر و أعم من ما ذكرنا بكثير ، غير معني بتحديد حرية الفرد الدينية و لا يمارس أي نوع من أنواع القمع الطائفي ضد شعبه ، بل بالعكس يمنح الشعب القوة اللازمة لفرض ارادته في حرية الممارسة و العبادة ما دام الدين سيبقى مفصولا عن الدولة من حيث التشريع . أفضل أمثلة اشتراكية عالمية هي ألمانيا و فرنسا و انجلترا و كندا و ايطاليا ، و هي أنظمة كانت و ما تزال من ألد أعداء النظام السوفييتي الشيوعي الزائل حيث انها تطبق الجانب الحياتي للأشتراكية مع المحافظة على اقتصاد السوق المفتوح الرأسمالي .

فاذا لماذا ارتبط مفهوم الايمان أم عدمه بايمان الفرد بنظام سياسي ديموقراطي ؟ و لماذا اندمج مفهوم الشيوعية و الاشتراكية كثنائي ملتحم دائما في الوعي السوري ؟ هل سنستطيع أن نصل الى مكان نستطيع فيه اعادة فرز المفاهيم و قبول تعريفات جديدة ؟